فضيحة الرشوه في اسرائيل

واشنطن (رويترز) - عندما قبل الرئيس الامريكي جورج بوش دعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت بمناسبة احتفال اسرائيل بذكرى مرور 60 عاما على قيامها لم يكن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن زيارته ستقدم الكثير لتعزيز فرص السلام في الشرق الاوسط.

ولكن مع فضيحة الرشى في اسرائيل والتي تهدد بالاطاحة بأولمرت وتعطيل محادثات السلام الهشة مع الفلسطينيين التي ترعاها الولايات المتحدة فان فرص احراز تقدم تبدو أسوأ مما كانت عليه من أي وقت مضى.

وبوش الذي تحيط به بالفعل شكوك عميقة في جهوده لضمان توقيع اتفاق للسلام قبل أن يترك منصبه في يناير كانون الثاني القادم لا يستطيع أن يتحمل فقدان أولمرت الشريك الرئيسي في التفاوض مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

وخيمت الازمة السياسية في اسرائيل على احتفالاتها بمناسبة مرور ستين عاما على قيام الدولة اليهودية وضمنت تقريبا أن تكون زيارة بوش بين 14 و16 مايو ايار الحالي مجرد زيارة رمزية.

قال حاييم مالكا خبير شؤون الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "من المستبعد بشدة أن يحقق بوش أي تحرك حقيقي." ومضى يقول "العقبات عديدة... والمشكلات التي يواجهها أولمرت تضيف تعقيدات جديدة."

واعترف أولمرت يوم الخميس بتلقي أموال من رجل أعمال أمريكي. لكنه نفى تقاضيه رشوة وقاوم دعوات واسعة النطاق بالاستقالة من منصبه لكنه قال انه سيتنحى اذا وجهت اتهامات رسمية ضده.

واذا استقال أولمرت وانهار تحالفه الهش فان الانتخابات الاسرائيلية ستقلل على ما يبدو من امكانية انجاز اتفاقية سلام بما في ذلك اتفاقية لاقامة دولة فلسطينية قبل انقضاء فترة ولاية بوش.

وحتى إن استطاع أولمرت أن يصمد أمام العاصفة السياسية فان ذلك سيزيد من اضعاف قبضته على السلطة ولا يترك له سوى هامش ضئيل للمناورة في المحادثات مع الفلسطينيين.

وهون البيت الابيض من شأن التداعيات مصرا على أن أولمرت ليس هو الزعيم الاسرائيلي الوحيد الملتزم بعملية السلام. فوزيرة الخارجية تسيبي ليفني المرشحة الاوفر حظا لخلافته عملت عن كثب مع واشنطن والفلسطينيين.

ولا يزال بوش عاقد العزم على اتمام زيارته وهي الثانية للمنطقة منذ أن استضافت الولايات المتحدة مؤتمرا في أنابوليس بولاية ماريلاند في نوفمبر تشرين الثاني الماضي تعهد فيه أولمرت وعباس بالسعي لصياغة اتفاق للسلام بحلول نهاية العام الحالي.

وتعثرت المحادثات منذئذ بسبب خطط اسرائيلية لتوسيع مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة والعنف في قطاع غزة وحوله حيث تستدعي هجمات صاروخية تشنها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) عبر الحدود ردا عسكريا قاسيا من اسرائيل.

وبوش الذي كان حذرا ازاء تبني نهج يقوم على المشاركة النشطة في تحقيق السلام الاسرائيلي الفلسطيني يتطلع الان الى أن يخلف تركة في السياسة الخارجية تشمل أكثر من حرب العراق التي تلقى معارضة كبيرة.

ويرى منتقدوه أن هذا التطلع أقل مما يجب وتأخر كثيرا بعد سنوات من اهمال الصراع ويقولون ان بوش لا يزال غير مستعد لان يلقي بثقل واشنطن الدبلوماسي الكامل كي يؤتي ثماره.

ويصر بوش على أنه قادر على احراز نجاح فيما فشل فيه أسلافه.

وقال ستيفن هادلي مستشار بوش للامن القومي للصحفيين "نظرية الرئيس هي أنه... اذا تمكنت السلطة الفلسطينية واسرائيل من الاتفاق على اطار لحل يقوم على أساس دولتين ويضع الخطوط العامة لدولة فلسطينية فان ذلك سيفتح الباب للسلام."

وقام بوش بأول زيارة كرئيس الى اسرائيل والضفة الغربية في يناير كانون الثاني الماضي لكن لم يكن لديه الكثير كي يقدمه. وقبل دعوة أولمرت كي يعود هذه المرة لمشاركة اسرائيل في احتفالاتها بذكرى مرور 60 عاما على تأسيسها.

ويصل بوش يوم الاربعاء وسيجتمع مع أولمرت ويلقي كلمة أمام الكنيست ويزور قلعة مسعدة التاريخية عند البحر الميت.

ويرى كثير من الاسرائيليين أن بوش أفضل حليف للدولة اليهودية يأتي للبيت الابيض فيما يشك كثيرون من العالم العربي في قدرته على التحرك كوسيط نزيه في السلام.

ولا توجد لدى الفلسطينيين امال كبيرة في أن بوش سيبدي أثناء زيارته لاسرائيل تجاوبا مع وجهة نظرهم التي ترى أن انشاء وطن قومي لليهود في عام 1948 يعني تشريد مئات الالاف من السكان العرب.

ولن يزور بوش المناطق الفلسطينية خلال هذه الزيارة لكنه سيجري محادثات مع عباس في منتجع شرم الشيخ في مصر يوم السبت.

وعباس مثله مثل أولمرت ضعيف من الناحية السياسية ولا يسيطر سوى على الضفة الغربية بينما تسيطر حماس على قطاع غزة.

وسيكون أمام بوش الذي لم يتبق له في البيت الابيض سوى أقل من تسعة أشهر وقتا عصيبا للضغط من أجل الحصول على تنازلات من الطرفين اللذين يتطلعان الى انتخابات الرئاسة الامريكية في نوفمير تشرين الثاني التي ستحدد من سيخلفه.

ويقول محللون انه يمكن لاسرائيل والفلسطينيين صياغة وثيقة ما تحفظ ماء وجه بوش في أيامه الاخيرة لكنهم لا يجدون فرصة كبيرة لانجاز اتفاق تاريخي يحل خلافات عمرها عشرات السنين.

من مات سبيتالنيك